للأسرة دور كبير في توعية الأطفال وتعليمهم
حسن التكيف مع الحياة والبيئة المحيطة بهم
من منطلق أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن التصدي لإنشاء علاقة قوية بين الصغار والبيئة لا بد من أن يبدأ مبكراً، وتحديداً من مرحلة الروضة، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة التعرف إلى البيئة من حوله، وملمسها، يشم رائحتها، يتعرف إلى ألوانها. ويجب أن يحدث كل ذلك سواء عن طريق المجسمات أو الصور، والأفضل الخروج في رحلات إلى مناطق مختلفة، فتارةً تكون الزيارة للشاطئ والتعرف إلى ملمس الرمال ومياه البحر، والتعرف إلى أنواع الكائنات البحرية الموجودة فيه من أسماك وقواقع، أو الذهاب إلى الحدائق العامة ومشاهدة الأزهار والتعرف إلى بعض أنواعها وتمييز روائحها، مع شرح ضرورة الحفاظ عليها وعدم قطفها، ومعرفة معلومات بسيطة عن الزراعة وأهمية النباتات، أيضاً الذهاب إلى حديقة الحيوان والتعرف إلى أنواع الحيوانات المختلفة بها والتمييز بين الحيوانات الأليفة والحيوانات المتوحشة، ونوعية غذائها، وتقديم فكرة عن طبيعة حياتها ونوعية البيئة التي تعيش فيها.
مفهوم التربية البيئية للطفل
التربية البيئية هي عميلة إعداد الطفل للتفاعل الناجح مع بيئته بما تشمله من موارد مختلفة، ويتطلب هذا الإعداد إكسابه المعارف والمفاهيم البيئية التي تساعد على فهم العلاقات المتبادلة بين الإنسان وعناصر البيئة. كما تتطلب تنمية وتوجيه سلوكياته تجاه البيئة، وإثارة ميوله واتجاهاته نحو صيانة البيئة والمحافظة عليها، فالطفل يحتاج إلى تعلم كل ما يتعلق ببيئته؛ لأن حياته تتوقف على هذه البيئة وتعتمد عليها، ويمكن أن يتم هذا التعليم من خلال الأنشطة المتنوعة التي تساعده على فهم بيئته والكشف عما يحيط بها من ظواهر طبيعية أو من صنع الإنسان، والتعرف إلى مشكلاتها، وبناء الثقة في مقدرة الطفل على التفاعل البنّاء مع البيئة والتعاون على حل مشكلاتها.
وللأسرة دور كبير في توعية الأطفال وتعليمهم حسن التكيف مع الحياة بالأسلوب الأمثل والصحيح الذي يخلق جيلاً يافعاً واعياً يمتلك الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا اإقليمية؛ مثل البيئة ومشاكلها القائمة.
وانطلاقًا من هذا المفهوم فإن التربية البيئية لطفل ما قبل المدرسة تهدف إلى غرس الوعي لدى الطفل بالبيئة ومشكلاتها، وإكسابه المعلومات المناسبة لإدراك أهمية المحافظة على البيئة وحسن استثمارها، وتكوين الاتجاهات المرغوبة والمهارات اللازمة للإسهام في مواجهة مشكلات البيئة بما يتفق ومستوى نموه.
خذوهم صغاراً إلى الشاطئ ليلمسوا الرمال والمياه
ويعرفوا أنواع الكائنات البحرية
وإلى الحدائق ليشاهدوا الأزهار ويشموا رائحتها
أهداف التربية البيئية
لعل من أهم أهداف التربية البيئية للأطفال، ما يأتي:
- تنمية حواس الطفل بما يساعده على التفاعل الإيجابي مع البيئة الطبيعية المحيطة به.
- تنمية الحسّ الجّمالي والتذوق الفني للطفل ليستشعر مظاهر الجمال من حوله.
- معرفة أنواع النبات والحيوان في بيئة الطفل، والعلاقات بينها وبين مقومات حياتها، واعتماد كل منها على الآخر.
- إدراك أهمية الماء للحياة بوصفه مصدراً من مصادر الطبيعة.
- تكوين اتجاهات إيجابية مناسبة لدى الطفل نحو البيئة، تلك الاتجاهات التي تدفع إلى المشاركة الفعالة في حلّ المشكلات البيئية.
- تكوين وتنمية الأنماط السلوكية السليمة عند الطفل التي تمكنه من التعرف بصورة إيجابية فردية وجماعية، لصيانة البيئة ومصادرها، وحسن الاستفادة منها، والحيلولة دون ظهور مشكلات بيئية نتيجة السلوكيات السلبية للأطفال أو المحيطين بهم.
- احترام الأطفال لجميع المخلوقات في الطبيعة، بدءاً من الإنسان إلى أصغر المخلوقات وأدقها.
- احترام الطفل لحقوق الآخرين في البيئة، والالتزام بواجباته نحوهم ونحو البيئة بوصفها ملكية عامّة للطفل وللآخرين، وتخصّ كل فرد فيها أيضاً.
- ترشيد سلوك الطفل إزاء بيئته بعناصرها المختلفة، والتي يمكن أن يدركها الطفل في هذه المرحلة العمرية.
ساعد أطفالك على زراعة البذور وسقي النباتات
ليدركوا مفهوم الغذاء ومن أين يأتي
أساليب تربوية
هناك مجموعة من الطرق والأساليب التي بالإمكان اتباعها لتنمية الوعي البيئي لدى الأطفال، وهي:
- إدارة النقاش مع الطفل في سن مبكرة عن البيئة: إن إدارة النقاش مع الطفل الصغير عن البيئة بداية إيجابية. لكن هناك العديد من الإجراءات الأخرى الأكثر فعالية لكي يعرف ويعي الطفل ببيئته؛ لأن الطفل يتعلم أفضل من خلال التعليم التفاعلي، ويتمثل هذا التفاعل في بدء مشروعات عملية صغيرة؛ مثل زراعة حديقة صغيرة أو زراعة النباتات المفيدة في إصيص في الشرفة أو على شرفات النوافذ من الفاكهة والخضروات والأعشاب، وهي من الأفكار العملية التي تعلم الطفل.
- التعلّم بالقدوة والنمذجة: لا بد من مشاركة الأطفال في الأعمال التطوعية البيئية؛ ما يعزز لدى الطفل روح الانتماء والاقتداء بوالديه وغيرهم من النماذج الصالحة، ويتم ذلك خلال الملاحظة والتربية السلوكية، حيث يقوم الأطفال بتقليد آبائهم في تعاملهم مع البيئة والمحافظة عليها.
- اصطحب أطفالك إلى خارج المنزل؛ فإن تعلّم الاستمتاع بالطبيعة هو الخطوة الأولى للاهتمام بها. مثالاً على ذلك؛ إذا كان الأطفال مُحبين للسباحة، تنزه معهم على الشاطئ واحرص على تنظيفه من بعدك، وأظهر لهم أن هذا هو موطن الكثير من مخلوقات المحيط الجميلة، يمكن أن تساعدهم أنشطة الشاطئ المختلفة على إدراك أهمية الحفاظ على نظافة المحيط.
- تعليم الأطفال طرق المحافظة على البيئة من النصائح المفيدة. ومن الأمثلة التطبيقية لذلك، قل لطفلك احصل على حقيبة غداء وشوكة وملعقة من البلاستيك، ويمكن إعادة استخدامها بعد تنظيفها؛ وشجع طفلك الصغير على إلقاء النفايات في مكانها الصحيح.
- قدّم للأطفال مهام روتينية لتعلّم مفهوم إعادة التدوير؛ وذلك من خلال مساعدتك على تصنيف المواد القابلة لإعادة التدوير، وتعزيز ذلك السلوك من خلال تقديم مكافأة لهم، حيث يمكنهم توفير المال الذي يكسبونه من خلال إعادة التدوير لشراء لعبة رائعة.
- مشاركة الأطفال بعض الأنشطة البيئية، ويمكن أن يكون من خلال العناية بحديقة المنزل، أو بشراء نبتة واحدة لكي يتعلموا كيفية العناية بها؛ وهي طريقة ممتعة ليتعلّم الأطفال أهمية حاجة النباتات إلى الشمس والماء والتربة، واستخدام الحواس في الاستمتاع بالزهور مثلاً، ويمكن مساعدة الأطفال على زراعة البذور وسقي النباتات والعناية بها؛ حيث سيتعلّم الأطفال إدراك مفهوم الغذاء ومن أين يأتي.
- تعليم الأطفال طرق المحافظة على مصادر البيئة ومثال ذلك؛ إغلاق صنبور الماء في أثناء تنظيفهم لأسنانهم بالفرشاة والاستحمام، حيث يتعلمون أنّ الماء ثمين، وتعليم الأطفال طرقاً لذلك من خلال استخدام كوب ماء لغسل الأسنان. كما يمكن استخدام الملصقات للتذكير بإغلاق الصنبور والمحافظة على الماء. وكذلك أهمية المحافظة على الطاقة الكهربائية؛ حيث يمكن توفير ملصقات تذكّر الأطفال بذلك، ومن المهم أن يكون الآباء قدوة لهم.
- استخدام البرامج والتطبيقات الإلكترونية والقصص بالطريقة نفسها التي تعلم بها الأطفال احترام الآخرين، يمكنك تعليمهم احترام الطبيعة، وذلك من خلال استخدام القصص أو الكتب المقترحة من قبل الآباء أو بتوجيه الأطفال ومشاركتهم مشاهدة بعض البرامج والأفلام حول البيئة.
ومن هنا يتبين ضرورة إعداد الفرد المتفّهم لبيئته، والواعي بما يواجهها من مشكلات، والقادر على الإسهام الإيجابي في حلّ مشكلاته، وبالتّالي كان لا بدّ لرياض الأطفال - باعتبارها مؤسّسات مهتمّة بالتّنشئة الاجتماعية - أن تعمل على تربية الطفل تربية بيئية مناسبة ؛انطلاقاً من أنّ تعليم الطفل منذ وقت مبكر يرسّخ قاعدة التّعلم مدى الحياة، وبالتّالي له إمكانية كبيرة في دعم وتعزيز الاتجاهات والسّلوكيات التي لها دور رئيس في الوقاية من المشكلات البيئية، إذ إنه يجب غرس الوعي البيئي وتقدير الطبيعة في الطّفل منذ المراحل العمرية المبكرة؛ لأن الأشياء التي يدركها سوف تؤثّر في سلوكه ومواقفه في مسيرة حياته المقبلة، وإلا سيكون تصرفه مُسيئاً للبيئة في المستقبل، فضلاً عن أنّ عملية بناء الإنسان أسهل بكثير من عملية إعادة بنائه.