دراسات: مستوى هرمون أوكسيتوسين
يرتفع في دم الرجل عندما يعتني بأطفاله
يؤدي هذا التفاعل الإيجابي بين الآباء والأبناء إلى النمو العقلي والنفسي السليم لدى الطفل. فكلما زاد تفاعل الآباء مع الرُضَّع وجدانياً، قلت فرص ظهور المشكلات السلوكية لدى الطفل في المراحل اللاحقة من العمر، والعكس صحيح. وكلما زاد دعم الآباء، أو من يقوم مقامهم، للأطفال عاطفياً في الصغر، زاد رضا الطفل عن الحياة لاحقاً، وتحسنت علاقته بمدرّسيه وزملائه. بل بذاته وبمجتمعه.
إن الاهتمام بجودة هذه العلاقات ورعايتها كفيل بإنضاج الشخصية والتعامل مع مرحلة الطفولة حتى تمر بسلام، ويخرج منها الطفل إلى مراحل أخرى في حياته أكثر نضجاً وفهماً وتكيفاً مع متغيرات الحياة، ومع الضغوط التي تفرضها الالتزامات اليومية الاجتماعية والتعليمية والعاطفية.
تجربة حية
أنقل لكم هذه التجربة المؤثرة من خلال ورشة تدريبية حول مهارات الاتصال الأساسية، بين الأجيال داخل الأسرة. الورشة التدريبية أقامتها "مؤسسة بلان" بالتعاون مع "جمعية خير وبركة" بعنوان "حوار الأجيال" في إطار تنفيذ فكرة "مدن آمنة للفتيات" بحي الأسمرات، واشترط منظمو التدريب حضور الآباء والأمهات مع الأبناء، لترسيخ مفاهيم حوار الأجيال داخل الأسرة؛ حيث إن البيت أهم مكان، وعلاقات المقربين أولى بالرعاية.
كلما زاد دعم الطفل عاطفياً في الصغر،
زاد رضاه عن الحياة لاحقاً، وتحسنت علاقته ببذاته وبمجتمعه
تناول التدريب موضوعات متعددة حول كيفية إقامة حوار بنّاء داخل البيت، والتركيز على تحقيق شروط الحوار الفعال، مع أهمية الانتباه إلى المشاعر، وقبول اختلاف الأفكار، وتأكيد أننا جميعاً شركاء في التغيير، متشابكون في علاقات القرب التي تتطلب مهارات الاتصال، فالاتصال - بوصفه احتياجاً إنسانياً - من الاحتياجات الأساسية في الحياة، وتوضيح مفهوم الاتصال الحازم الفعال (الذي يقوم على إنصات فعال نشط، وفضول وتفاعل، وصدق وحقائق، مع احترام الآراء والمعتقدات، وإرساء قاعدة الاستفهام وعدم إصدار الأحكام في جمل تقريرية خالية من المرونة، أو إعطاء الطرف الآخر حق الرد والتحدث قبل إصدار الأحكام).
الغضب يؤذي العلاقات الأسرية
ويؤدي إلى نتائج عنيفة وسلبية
شملت الجلسة التدريبية تقديم معلومات ومفاهيم لتطوير أسس التواصل والحوار داخل الأسرة، والسعي نحو حالة تغيير متوازية لكل أفراد الأسرة، في إطار مجموعة من الأفكار الملهمة، وشملت نقاشات متبادلة بين الآباء والأبناء، وقدّم الأبناء من الأطفال والطلائع اسكتشات درامية من إبداعهم، وذلك في اطار تغيير مفاهيم وسلوكيات الأسرة، وتم تقديم مجموعة من الأنشطة التفاعلية:
نشاط 1: حوار وتعبير عن الشعور وفتح النقاش وإدارته وبحث أهمية التغيير، وتبادل الأفكار والخبرات حول أهمية تحقيق الاتصال بين أفراد الأسرة.
نشاط 2: وعبّر الأبناء في أثناء جلسات التدريب بأسلوب المحاكاة الدرامية عن واقعهم وطموحاتهم لعلاقات أسرية أفضل، واعترفوا من خلال الاسكتشات الدرامية المرحة المبدعة بنقاط ضعفهم وتقصيرهم، وما يرفضونه وما يتمنونه في علاقاتهم الأسرية. وأُتبعت هذه الورشة التدريبية بجلسة أخرى بعد عدة أيام مع الآباء وحدهم؛ لتطوير مهارات إدارة الغضب الذي يؤذي العلاقات الأسرية ويؤدي إلى نتائج عنيفة وسلبية جداً، نشهد جميعا على تبعاتها على شبكات التواصل الاجتماعي.
تفاعل الآباء
اللافت للانتباه هو تفاعل الآباء - على اختلاف مستوياتهم - مع مفاهيم وأساليب ادارة الغضب؛ ما يعكس الاهتمام بكسب مهارات معرفية وسلوكية مهمة للنجاح في إدارة شؤون الحياة الأسرية للسير بها نحو السلام والسكينة والمودة والرحمة؛ لينجو أفراد الأسرة من متغيرات كبيرة يمر بها الجميع وتهدد الاستقرار والسلامة. لقد أكدت التجربة أن مشاركة الآباء ضرورة وخطوة مهمة لإنجاح خطط التنمية والتطوير داخل الأسرة؛ هذه الخطوة تختصر الوقت والجهد وتساند كل جهود الجهات المعنية بدعم قضايا الطفولة والأسرة؛ فالأب قائد، إذا أحسن أداء دوره، وتمكّن من أدواته، سوف تتضاعف نتائج الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومات والمؤسسات الداعمة لحماية الأطفال والأسرة.. وتظل المعرفة والتشارك والتمكين هي أدوات التطوير والتحديث والتغيير إلى الأفضل لدعم القوة الدافعة نحو سلامة المجتمع واستقراره.