من هنا أصبحت الرقمنة ذات أهمية كبيرة بين مختلف الأوساط، وتزايدت أهميتها لفئة الأطفال الذين يأسرهم الصوت وتبهرهم الحركة والأضواء وتجذبهم السرعة، ونحن لسنا ضد الرقمنة في أدب الأطفال، بل على العكس؛ نشجعها ونستحسنها مؤملين أن تحول مؤلفات كُتاب أدب الطفل إلى كتب إلكترونية تقدم للأطفال عبر الوسائل التقنية الحديثة، التى أصبحت أقرب إلى أيديهم من الكتاب الورقي، ولكن يظل الفيصل في توافق الرقمنة مع احتياجات الطفولة هو مساعدة الطفل على النمو السليم بدنياً وفكرياً وسلوكياً واجتماعياً، وإشباع رغباته من دون الإضرار به وبقيمه المجتمعية، وتزويده بالمهارات والخبرات والمعارف، وإمداده بالقدرة على مواجهة وحل المشكلات؛ لينعم بالحياة السعيدة الراقية.
إعادة نشر المنتج الورقي الذي نفدت
طبعاته على الإنترنت توصله إلى جمهور
عريض من الأطفال
الرقمنة.. مزايا مخاطر
للرقمنة مزايا متعددة منها:
سهولة الوصول من جانب المستخدمين/ المستفيدين، وإمكانية المشاركة بين عدة مستفيدين في الوقت نفسه.
إعادة المنتج الورقي الذي نفدت طبعاته، ويمكن أن يتحقق ذلك من خلال إعادة نشره على الشبكة العنكبوتية لتصل إلى جمهور عريض من الأطفال.
وفرت فرصة أكبر في الوصول إلى المعلومة، وتنمية مهارات الأطفال وهواياتهم وكسب الخبرات والتفاعل مع ما يُعرض عليهم ويشاهدونه.
الكتاب الإلكتروني يتيح للطفل/ المتلقي آفاقاً أوسع مقارنةً بالكتاب الورقي.
فى المقابل فإن للرقمنة مخاطر كبيرة على سلامة الأطفال حينما تزداد فرص تعرضهم للمحتويات غير اللائقة (قد تكون صوراً إباحية، سلوكيات غير سوية، تنمراً، دعوة إلى العنصرية، اكتساب وممارسة طرق وأساليب الإيذاء، ... إلخ).
أيضا ما لم يتم توسيع نطاق إمكانية الوصول إلى التقنيات الرقمية على مختلف البيئات، فإن هذا الأمر ربما يخلق انقساماً وتباعداً بين جيل الطفولة، فالأطفال الذين يعيشون في مناطق نائية أو يعانون الفقر بسبب ظروف أسرهم لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى مثل هذه التقنيات، وبالتالي لا يتمكنون من الوصول إلى التجارب والمهارات والمعارف مثل غيرهم ممن أتيحت لهم الفرصة.
الكتاب الإلكتروني يتيح للطفل المتلقي
آفاقاً أوسع مقارنةً بالكتاب الورقي
الاستعمال المفرط للأجهزة الإلكترونية له آثار سلبية نفسية وجسمية مثل: الشعور بالعزلة، القلق، الاكتئاب، الخمول والكسل، تعلم العنف، إرهاق العين، وغير ذلك.
قد نجد في الرقمنة بعض المعلومات غير الموثقة مما يؤثر في المتلقي، ويوقعه في حيرة، وعدم ثقة بأسلوب الرقمنة.
استأثرت اللغات الأجنبية بنسبة غير قليلة من المحتوى المعروض، إضافة إلى وجود صعوبة - أحياناً - في الكلمات والألفاظ التى يحتويها العمل؛ مما يؤدي إلى انصراف الطفل عن المتابعة.
قلة الوعي والثقافة الرقمية لدى بعض الآباء والأمهات بكيفية الاستخدام والاستفادة من الرقمنة، ومن ثم تفادي المخاطر التي يمكن أن يقع فيها الأطفال.
مجموعة القواعد لسلامة أطفالنا علي شبكة الأنترنت الحل ليس المنع
ذكر المركز التربوي للبحوث والإنماء مجموعة من الأمور المهمة لسلامة أطفالنا على شبكة الإنترنت، وأوضح أن منع الأطفال من استخدام الإنترنت ليس الطريق الأمثل لحمايتهم؛ لذا من المستحسن على الأهل أن يتفقوا مع أطفالهم على النقاط الآتية:
الحيطة والحذر.. ومن بديهيات وأساسيات سلامة استخدام الإنترنت:
عدم إعطاء معلومات شخصية مثل الاسم، العمر، المدرسة، العنوان...إلخ.
التأكد من استخدام أدوات الخصوصية privacy settings.
عدم تشارك الصور والمعلومات مع الغرباء.
الاحتفاظ بسرية كلمة المرور password.
عدم الدردشة مع الغرباء.
عدم فتح أو استقبال رسائل بريدية E-mails من الغرباء.
حض الأطفال على إخبار أحد الراشدين فور شعورهم بعدم الارتياح.
مراقبة أنشطة الأطفال على الشبكة والتحكم فيها:
استخدام برمجيات المراقبة الأبوية Parental control المتوافرة لحذف المحتويات غير المناسبة، ومراقبة المواقع التي يزورها الأطفال ومعرفة ما يفعلونه.
وضع الحاسوب - لاسيما وصلة الإنترنت - في مكان عام بالبيت وليس في غرفة نوم الأطفال.
الاتفاق مع الأطفال على طبيعة المواقع المسموح بزيارتها.
وضع قواعد لاستخدام الإنترنت؛ وذلك من خلال تنظيم أوقات استخدام الشبكة والمدة المسموح بها.
الاتفاق مع الأطفال على مبادئ التحميل download وقواعده: الموسيقى، الأفلام، الألعاب، البرامج ... المسموح بها.
الحرص على حماية الحاسوب الشخصي:
التأكد من استخدام برامج مكافحة الفيروسات وبرامج الحماية الشخصية؛ مثل برامج جدران النار firewall الموجودة فى الحاسوب، وتحديثها دورياً.
فتح باب الحوار والتواصل، ويتم ذلك من خلال محاورة الأطفال حول:
مراكز اهتمامهم على الشبكة، ونوعية المواقع التي يزورونها عادةً.
الأشخاص الذين يدردشون معهم على الإنترنت.
عدم الانجرار وراء تصرفات أصدقائهم، وعدم اعتبار كل ما يقومون به صحيحاً بالضرورة.
الشعور بالعزلة، القلق، الاكتئاب، الخمول والكسل،
تعلم العنف، إرهاق العين من عيوب
الاستعمال المفرط للأجهزة الإلكترونية
الالتزام بالقواعد الأخلاقية على الإنترنت، وذلك من خلال الطلب من الأطفال:
أن يحافظوا على سمعة رقمية جيدة.
ألا ينشروا محتوى أو صوراً محرجة للآخرين من دون علمهم أو موافقتهم.
ألا يخرقوا قوانين الملكية الفكرية وقواعد الآداب العامة المتعارف عليها اجتماعياً، وأن يستشهدوا بالمصادر بالشكل الصحيح.
ألا يقوموا بنشر أو تدوين أي تعليق مسيء للآخرين.
ألا ينضموا إلى مجموعات مسيئة للآخرين أو مسيئة للمعتقدات والأديان، والتي تروج لأفكار وقضايا تتنافى مع الأخلاق والآداب مثل العنصرية، العنف، الشيطانية، الإرهاب، السادية، التشجيع على تعاطي المخدرات والانتحار ... وألا يؤيدوا هذه المجموعات.
التعامل مع الإساءة والإبلاغ عنها، فمن الضروري شرح الأمور للأطفال بعمر مبكر وإرشادهم إلى كيفية التعامل بشكل صحيح مع الخطر المحتمل من خلال تحذيرهم:
ألا يأخذوا مديح بعض الأشخاص الغرباء على محمل الجد.
ألا ينبهروا بوعود الغرباء ولا يمتثلوا لإغراءاتهم؛ كالمال، والهدايا، والعواطف ... إلخ.
ألا يجيبوا عن الأسئلة المتعلقة بالبنية الجسدية (القامة، الوزن، لون العينين، السن ...).
ألا يشعروا بالرهبة من الأشياء المريبة وأن يُعلموكم فوراً بذلك.
المحافظة على سلامتهم على الإنترنت لن توقعهم في مشاكل كحرمانهم من استعمال الحاسوب.
"إنكار" التحول الرقمي مستحيل وعلينا
الاستفادة به في أدب الأطفال
وعليه فلا بد من تكاتف المؤسسات، تربوية أو تعليمية أو تثقيفية، لتحقيق الهدف المرجو؛ وهو حماية الأبناء من مخاطر التكنولوجيا والحفاظ على الأسرة وتماسكها. ولا بد من توحيد الجهود حتى نتفادى تلك المخاطر التي يتعرض لها أبناؤنا، وأن يكون هناك علاقة وثيقة بين الأسرة والمؤسسة المدرسية، ويكونوا على اطلاع بما يدور في تلك الوسائل لمعرفة ما يفعله الأطفال. وتحديد ما يأخذونه من تلك التقنيات؛ فليس كل من يتعاملون معهم على الشبكة ذوي نوايا طيبة، فيجب أن يتعاملوا بحرص مع من يراسلونهم أو يتحدثون معهم على الشبكة. والتحرك لإيقاف بث المضامين غير اللائقة عن طريق: استخدام برامج الحماية الشخصية، التي تتضمن برامج ترشيح وبرامج حماية ضد الفيروسات تمنع من خلالها دخول الأطفال إلى المواقع غير المرغوب فيها، ومنع التسلل إلى الأجهزة لاختراقها، ومن ثم القيام بعمليات الابتزاز وغيرها.
خلاصة القول
يعد التحول الرقمي من الموضوعات الشائكة التي يصعب اختزالها في كلمات قليلة، والتي تحتاج إلى مزيد من الدراسات والبحوث؛ لأنه أصبح في وقتنا الحالي وسيلة مهمة ومطلباً حياتياً لا غنى عنه، وباتت التقنيات الرقمية الحديثة هي المستقبل القادم رغم ما بها من مساوئ، ومن ثم فلم يعد لدينا اختيار في قبوله أو رفضه فقد فرض وجوده على حياتنا بشكل عام، وحياة الأطفال بشكل خاص، ولعل من الأفضل أن نتجاوز مرحلة إنكار التحول الرقمي ورفضه أو انتقاده لننتقل إلى مرحلة المواجهة والاستفادة به وتطويعه في مجال أدب الأطفال، والعمل على تمكين الطفل وإعداده إعداداً جيداً في كيفية التعامل مع التكنولوجيا والتطورات الحديثة التي يعيشها المجتمع من حوله.