حتى لا يصير خارج الزمن
طفلك أمانة.. اجعله يتفوق رقمياً
الملخص :
جاء المقال ليسلط الضوء على أهمية تريبة وتعليم الأطفال والطلاب على التفوق الرقمي، فالأطفال منجذبون للتقنية بشكل عام إلا أن المقال ظهر من أجل تعليم وتربية نوعية ليتفوق الطفل تقنيًا، فالتعامل العشوائي والبدائي للتعامل مع التقنية لا يجدي نفعًا، لذلك استعرض المقال خمس محاور:
الأول: نظرة تاريخية عن بدء العلاقة بين التعليم والتقنية.
الثاني: دور التقنية في تنمية بعض المفاهيم (الفيزيائية – الجغرافية – الفنية – اللغوية).
الثالث: المهارات الأساسية لبناء الكفاءة الرقمية عند الطفل (القيم – التعامل الفني – القدرة على الإنتاج).
الرابع: أسباب انجذاب الطفل للتقنية (تحاكي الذاكرة البصرية والسمعية -تراعي الفروق الفردية – تلامس فضول الطفل للبحث – الجلوس الناعم لتلقي المعلومة).
الخامس: دور الأسرة في تنمية الكفاءة الرقمية عند الطفل.
كلمات مفتاحية:
#الكفاءة الرقمية #الأطفال_والرقمنة #التربية_الإيجابية #تنشئة_الأطفال #الأطفال_والتكنولوجيا
المقال كاملاً
دعونا نتفق على أن العالم التقني غزا العالم، وأن "الجهل" لم يعد يعني إلا جهلنا بهذا الفضاء التكنولوجي! وإذا لم نؤمن بهذه النظرية سيكون أطفالنا من "الأجيال المغادرة" تلك التي عفا عليها الزمن وصارت خارجه. الجميع في جدال دائم حول التقنية والتسارع التكنولوجي أما أغرب ما سمعت في الأيام الفائتة فهو قول صديقة متخصصة: لماذا تدعون الأطفال إلى تعلم الكفاءة الرقمية، وأحياناً تجعلونها نافذة للتعليم والتعلم؟ قلت لها ببساطة: هل تريدين من أطفالنا أن يصبحوا ضمن قائمة الأجيال المغادرة؟ هل تريدون إقصاء العالم الرقمي عن عالم الطفل وهو عالمه الحقيقي؟
"إيفان إيليش تنبأ قبل نصف قرن في كتابه
"مجتمع بلا مدارس" بحال التعليم في هذه الأيام"
في البداية تعالوا نلقِ نظرة تاريخية على بدء العلاقة بين التعليم والتقنية.. إن ظهور الحواسيب والإنترنت لم يكن مصادفة، بل هو احتياج لجأ إليه الأنسان في انطلاقه نحو المعرفة والاكتشاف والتعليم وتسهيل الحياة، وقد كتب الفيلسوف إيفان إليش Ivan Illich عام 1970 كتاباً يمثل الوضع الحالي بعنوان "مجتمع بلا مدارس" حيث تنبَأ الكاتب بنظام التعليم عن بعد من دون الحاجة إلى معلمين، ولا إلى مدارس قائمة. لقد كان يرمز بهذا الكتاب إلى دخول العالم في الثورة الصناعية الرابعة؛ بحيث يصبح كل شيء ذكيًّا صناعيًّا. كما بدأ التعليم عن بعد في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، فقد كانت تقوم بإرسال مواد تعليمية عن طريق البريد إلى الطالب.
تنمية المفاهيم
للكفاءة التقنية عند الطفل دور مهم في تنمية بعض المفاهيم لديه، ومنها:
- المفاهيم الفيزيائية: هي مفاهيم ترتبط ببيئة الطفل والطبيعة من حوله ( القوة – الصوت - الطفو- الحركة – الكهرباء - المادة- الضوء – الظل – الهواء – الزمن)، فمهما نقُم بتجارب عملية واقعية فإنه لا غنى عن التكنولوجيا؛ فقد يكون هناك "ندرة في الورش" أو أن الوقت غير كافٍ أو لا تكون النتيجة متوافقة مع القانون، فدائماً ما نستعين بعرض فيديو أو شرائح تسهم في إيصال المعلومات الفيزيائية بشكل واضح وبتفاعل أكثر وبإدهاش ممتع.
- المفاهيم الجغرافية: المهارات الجغرافية لدى طفل الروضة قدّ لا يتم تنميتها داخل الروضة؛ لأنها تحتاج إلى صور مرئية وفيديوهات، وإلى برامج ووسائط متعددة توضح للطفل بشكل أكثر احترافية ووضوح تعاقب الليل والنهار، البحار المحيطات واليابسة والقارات والإنتاج والثقافات وتسهم التقنية في نقلها والتعلم عن بعد بشكل جذاب ومدهش للطفل، وهذا هو جوهر العملية التعليمية لمرحلة رياض الأطفال؛ ما يساعد على نمو الطفل الفكري والثقافي. كما أن حصيلة الطفل من الثروة اللغوية فيها تناسب طردي مع تحصيله الثقافي والعلمي؛ لذلك تقدم التقنية برامج بصرية مدعومة بلغة منظمة وواضحة ومرتباً لها سابقاً.
- المفاهيم الفنية: ينمي التعلم عن بعد مهارة الطفل في البرامج الفنية مثل ( SOFT WAER, Graphic) عن طريق الرسم والفك والتركيب، وتصميم الملابس والخلفيات الفنية، وجميعها تحقق التعليم البصري والتخيُّلي؛ فعندما تجعل المعلمة بعض هذه الألعاب واجباً مدرسياً فهي تحقق حلم الطفل من خلال الانغماس في الخيال، وبالتالي تنمية مهاراته الإبداعية والتنافسية مع نفسه باستخدام ألعاب حاسوبية حركية، كما أنها تنمي التآزر بين اليدّ والعين حين يقوم بتحريك ما يلزمه من الشاشة.
- القدرات اللغوية: نحن نعلم أن الطفل يكتسب اللغة من خلال التقليد؛ فإذا تم تقديم فقرات البرنامج اليومي للطفل بنموذج وقالب ممتعين فسوف يقلد اللغة التي تلقاها من خلف الشاشة ويرددها بلغتها العامية أو الفصحى. إنه تقديم الأدب للطفل بشكل مختلف، فيكون هناك حكواتي، ولكنه نوع جديد من التطور الذي يحاكي التسارع التقني. وكلما كانت المادة اللغوية المنطوقة مرتبطة بصورة ثابتة أو متحركة فإنها تعين على بقائها في ذاكرة الطفل اللغوية. وقد كشفت كثير من الدارسات عن أن الأطفال بداية من سن ثلاث سنوات تساعدهم التقنية على تنمية قدراتهم اللغوية بنجاح، بخاصة في مجال اللغة المنطوقة والشفهية، حتى اللغة الثانية يستطيع الطفل اكتسابها من خلال برامج محددة تعرض الكلمات بالصور.
مهارات أساسية
هناك مجموعة من المهارات الأساسية لبناء الكفاءة الرقمية عند الطفل، وهي ثلاث مهارات:
- كفاءة القيم الرقمية: احترام الآخرين، احترام الأدوار، واحترام التنوع، والانضباط.
- كفاءة التعامل مع الجهاز: تشغيل الجهاز، تحريك الفأرة، استخدام القرص المرن، التآزر بين اليد والعين، الانتقال من نافذة إلى أخرى، التصاميم، التعامل مع أخطاء الفتح والقفل.
- كفاءة القدرة على الإنتاج: حيث إن من أعلى مراتب الكفاءة الرقمية أن يسهم الطفل في طرح معلومة عن طريق إنتاج تقني واضح وهادف.
"كلما كانت المادة اللغوية المنطوقة مرتبطة
بصورة ثابتة أو متحركة كانت أكثر ثباتاً في ذاكرة الطفل"
هناك أيضاً أسباب تقف وراء انجذاب الطفل إلى التقنية، ومن أهمها:
- أولاً: أنها تحاكي الذاكرة البصرية والسمعية لدى الطفل، حيث تسهم في تعميق وتثبيت المعرفة لديه؛ فالصورة تعطي أثراً تعليميًا أكبر مما تعطيه الكلمات المكتوبة. كما أن الصور المتحركة تعطي نتائج أفضل من الصور الثابتة، وإضافة الصوت بفاعلية تعطي نتائج أفضل من ذلك كله، وهذا مما يتيحه الحاسب الآلي وبرمجياته المختلفة من إمكانية إعمال أكثر من حاسة بالوقت نفسه، والطفل ينجذب مع الشاشات بالعين والأذن، ومن ثم حركة اليد للتفاعل مع ما يشاهده.
- ثانياً: تراعي الفروق الفردية، فإذا ما تم تصميم البرامج بشكل جيد وواضح ومناسب، لتشمل بذلك الموهوبين والعاديين وبطيئي الفهم، بحيث يتمكن الأطفال الأقل مستوى من تخطي المرحلة حسب سعتهم من الفهم والأدراك، فإن ذلك يمكن أن يساعد الأطفال الذين يعانون من ضعف حركي بالأيدي والعضلات الدقيقة على تعلم الكتابة ومهاراتها المختلفة.
- ثالثاً: البحث والاكتشاف؛ حيث إن انجذاب الطفل إلى التقنية يجعلها بيئة جذابة للتعلم. كما تجعل الطفل إيجابياً في الحصول على الخبرة؛ حيث توفر بيئة تعليمية تفاعلية، تنمي مهارات البحث والاستقصاء، والتي تعد من أهم احتياجات الطفل.
- رابعاً: تلقي المعلومة بشكل مريح، وذلك من خلال "الجلوس الناعم" لتلقي المعلومة بشكل جذاب وفعال.
الأسرة والكفاءة الرقمية
تُعد الأسرة هي الوسيط الأول في تعامل الطفل مع التقنية بشكل هادف وبنّاء. ولمشاركتهم دور حاسم في نجاح الكفاءة الرقمية لدى الطفل. كما أن استشعار أهمية المرحلة هو المحفز الأولي، وبناء ثقة مع الطفل للتعامل مع الحاسوب بشكل فني، ويجب مراعاة عامل الوقت والقيم الرقمية.
خطوات عملية
على الأسرة أن تراعي ما يأتي:
- (توفير جهاز الحاسوب – المكان المناسب – وتنظيم الوقت – التفاعل الحي والنشط) تقوم الأسرة بدور كبير في أثناء هذه التهيئة.
- تدريب الطفل على كيفية التعامل مع بعض البرامج في أثناء عرضها على الشاشة.
- ترديد مصطلحات حاوسبية من لغة الويب مثل "المحادثة الفورية، الرسائل، البريد الإلكتروني، الفيديو، التدوين، مشاركة الملفات".
- هناك دليل يمكن للأهل الاستفادة منه، إضافة إلى دليل وزارة التعليم لرياض الأطفال وهو "دليل التعليم عن بعد لأولياء الأمور" صادر عن مؤسسة الملكة رانيا بالأردن".
- الاطلاع على خصائص نمو الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، فالطفل بهذه المرحلة يتسم بالحركة والنشاط الدائمين.
"من أعلى مراتب الكفاءة الرقمية أن يسهم الطفل
في طرح معلومة عن طريق إنتاج تقني واضح وهادف"
على سبيل المثال: هذه الصورة لطفلة تتعلم عن بعد بولاية فرجيينا الأمريكية لاحظت الأم أن طفلتها تملَّ في أثناء الجلوس بوضع رسمي للمنصة، فجعلتها تقترح طريقة تريحها