للمزيد..

ما قامت به جامعة مطروح من جهود في قضية البيئة والمناخ توافق مع توجه الدولة، وبتوجيهات أ. د. مصطفى النجار رئيس الجامعة وفي إطار دور الجامعة الواضح في خدمة المجتمع المحلي. وهنا لا بد من الإشارة إلى طبيعة الدور الرائد الذي ينبغي على المؤسسات التربوية، وبخاصة الجامعات والمدارس الاضطلاع به في مواجهة تلك القضايا الشائكة والخطيرة، وهو دور ربما كان من أهم الأدوار، ذلك أن تلك المؤسسات الأقرب إلى التعامل مع الطفل مباشرةً في المدارس أو بشكل مباشر عبر الطالبات المعلمات والطلاب المعلمين عبر احتكاكهم المباشر مع الأطفال في أثناء التربية العملية، التي ينبغي فيها عدم اقتصار الأمر على تقديم المهارات المعرفية الأكاديمية فحسب – فهذا أمر بدهي ومفروغ منه – بل تتجاوز ذلك إلى دور أكثر حضوراً وتأثيراً عبر تناول المهارات الحياتية ومشكلات الواقع المعيش، والتصدي لها، وتقديم الحلول الخلاقة والمبدعة غير التقليدية، وتناولها تناولاً يليق بطفل القرن الحادي والعشرين؛ طفل الثورة الصناعية الرابعة و"الميتافيرس" وهو طفل صار يرفض الطرح القائم على التلقين والوعظ والإرشاد، بل صار ينتظر أن نخاطب عقله ووجدانه معاً بأسلوب يستثير الخيال، ويسهم في تكوين صور ذهنية عن القضايا التي تناولها في تجربة تفاعلية. من هنا قامت طالبت الفرقة الرابعة بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة مطروح بتوعية أطفال مدرسة رياض أطفال مجمع عادل الصفتي الابتدائية بالتغيرات المناخية، والحث على العمل على أن تكون البيئة خضراء نظيفة تليق بالإنسان، لاسيما وقد ظهر في الآونة الأخيرة عدد من المشكلات والتغيرات المناخية الناجمة عن سلوكيات خاطئة في التعامل مع البيئة، حيث لا يزال الضرر البيئي يتصدر عناوين الأخبار، ومع زيادة الاهتمام العالمي بقضايا البيئة والحفاظ عليها، ومن ثم كان لا بد من دمج التعليم البيئي في المدارس من خلال تنفيذ الأنشطة اللامنهجية التي تتعلق بالحفاظ على البيئة، فكان على كتّاب أدب الطفل توظيفه لخدمة المجتمع وتصحيح السلوكيات الخاطئة للإسهام في حل تلك المشكلات، بعيدًا عن الوعظ والإرشاد، بل من خلال وسيط محبب إليهم، ومن ثم كان لزاماً عليّ في أثناء التربية العملية بمدارس محافظة مطروح الخروج بفكرة جديدة أقدم من خلالها قضية التغيرات المناخية والحفاظ على البيئة؛ بشكل يضمن تفاعل الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، فكان أن اقترحت على طالبات الفرقة الرابعة المشاركات في التربية العملية بمدرسة عادل الصفتي أن نقدم عملاً يمزج بين المسرح والقصة، نقدم فيه بشكل غير نمطي مفاهيم بيئية ونوعي الأطفال – بعيداً عن التلقين- بمبادرة "تحضّر للأخضر" التي تتبناها الدولة المصرية، وفي الوقت ذاته يتعلمن أسس بناء الأنواع الأدبية المختلفة، فيحولون النص المسرحي إلى قصة، ويحولن القصة إلى عرض مسرحي ناطق بالحياة، فكانت مسرحية "حلاق الأشجار" للكاتب والشاعر عبد الرزاق الربيعي التي تتحدث عن فائدة الأشجار وضرورة الحفاظ على البيئة بشكل عام؛ فهي من أهم قضايا القرن الحادي والعشرين، ومن أولى التحديات التي تواجه التنمية في العالم؛ وكيف أن العالم يعاني من تفاقم الآثار السلبية للتغيرات المناخية، التي باتت تهدد الحياة على كوكب الأرض، تلك المشكلة التي كان السلوك البشري ومازال سببًا رئيسًا لها، الأمر الذي يحتم العمل على تنمية السلوكيات البيئية السليمة لدى الأطفال في مراحل نموهم المبكرة. ومن هنا يأتي دور التربية البيئية الإيجابية لتعزيز قدرات التصدي لها والتكيف معها، فإن قضية توعية الطفل بخطورة تلك التغيرات وضرورة العمل على الحد منها وتجنبها منذ سني عمره المبكرة، صارت تشغل حيزًا كبيرًا من اهتمام المعنيين بتربية الطفل - أفرادًا ومؤسسات - وهو أمر جدير بأن يجعل تلك المؤسسات أمام ما ينبغي عليها القيام به من دور شديد الأهمية في تبصير الطفل بتلك القضية المهمة.

توزيع الأدوار
تمت التدريبات على نص "حلاق الأشجار" بمساعدة الهيئة المعاونة من المعيدات والمدرسات المساعدات أكثر من مرة، ووزعت الأدوار على الطالبات، فقام بعضهن بالتمثيل وبعضهن بالمساعدة في أعمال الديكور والملابس، ثم قدمتها الطالبات لأطفال الروضة من خلال مسرح العرائس التربوي في ساحة المدرسة بحضور عدد كبير من الأطفال والمعلمات ومشرفة الروضة، ثم قدمتُ للمسرحية إعداداً قصصياً يتفق وطبيعة البيئة في مصر من خلال تحويل المسرحية إلى  قصة "الحطاب والشجرة" التي تتحدث عن قصة رجل وابنه  يذهبان معاً كل يوم إلى شاطئ نهر النيل، حيث الماء والخضرة والطبيعة الخلابة، لكن الوالد كان مصراً على قطع الأشجار الموجودة على الشاطئ بحجة أنها بلا فائدة وأن بيعها والانتفاع بثمنها أكثر جدوى، لكن الطفل يقول له إن المعلمة أخبرته بأن الأشجار نافعة، حيث نأكل ثمارها ونستظل بها، كما أنها تقلل من نسبة ثاني أوكسيد الكربون في الجو، وأننا يجب أن نحافظ على نهر النيل من التلوث، وألا نلقي المخلفات والقاذورات به؛ حفاظاً على المياه في ظل أزمة يمر بها العالم أجمع. وهنا يشعر الأب بالخجل، ويعتذر لابنه، ويصرّ على زرع مزيد من الأشجار، بل يتطوعان معاً في مبادرة "تحضر للأخضر".

وقد تبارت الطالبات في تقديم القصة مرات عدة بأسلوب واعٍ بمهارات الحكاء وصفاته الداخلية والخارجية؛ وفقا لما قمت بتدريسه لهن في مقرر مسرح الطفل وقصص وحكايات الأطفال، ثم وجهن مجموعة من الأسئلة والتقييمات للأطفال للتأكد من مدى استيعابهم للقضايا المطروحة، بل إن بعض الأطفال قاموا بتمثيل الأدوار ومحاكاة الطالبات في سعادة غامرة تًظهر مدى ما حققنه من فائدة بالمشاركة في هذا العرض المسرحي، الذي نجح في جذب انتباههم وتبصيرهم – على صغر سنهم - بأهم القضايا بعيداً عن الأفكار المجردة التي تستعصي على الفهم، بل عن طريق وسيط يخاطب العقل والوجدان في آن واحد.
حضر الفعالية إدارة المدرسة، ومعلمات رياض الأطفال، وبعض أولياء الأمور، والطالبات المعلمات اللاتي قمن بالدور الأكبر عبر التدريس وفقا لاستراتيجية جديدة تمزج بين الفن والعلم والحياة بعيداً عن الطرق التقليدية التي لا يقبل عليها الأطفال لتصبح التجربة درساً مهماً تعلمن منه كيف يصبحن معلمات الغد المشرق المدهش حقاً هو مدى التلقي الإيجابي من أطفال الروضة وهم أطفال بين الرابعة والخامسة، وهذا أمر يؤكد أن الوعي لا يرتبط بسن معينة أو مكان محدد، وأن الطفل المصري موهوب بطبعه وفطرته، علينا فقط أن نجيد اختيار الوسيط، ثم نكتشف المواهب.