هنا قائمة بأشهر الأمراض النفسية الوراثية:
التوحد:
التوحد من أكثر الأمراض النفسية الوراثية انتشاراً بين الأطفال، ويتم اكتشافه في السنوات الأولى من الطفولة، ومن أكثر أعراض التوحد هو الاضطراب في السلوكيات، وتأخر النطق والكلام ومهارات الحديث المنظم والمفهوم. كما يُظهر الطفل ميلاً نحو التركيز الشديد على أشياء معينة دون غيرها. ويمكن ملاحظة أعراض التوحد في سن مبكرة جداً؛ بدءاً من سن ستة أشهر، حيث يمكن ملاحظة عدم التفات الطفل إلى الأصوات، أو نجده يصرخ أكثر من المعتاد بالنسبة إلى الأطفال الآخرين فى السن نفسها، ولا يتعلم ملاغاة الأم أو النظر إليها مباشرةً وتحريك عينيه مع حركات اللعب التى تؤديها له، ولا يتابعها بعينيه خلال تحركاتها بالغرفة. ويجب على الأم إذا شعرت بالقلق حيال هذا الأمر أن تتوجه إلى المختص لعرض الطفل عليه؛ فيبدأ مبكراً متابعة حالته.
فيلم رجل المطر مأخوذ عن
قصة حياة عبقري مصاب بالتوحد
صاحب ذاكرة فوتوغرافية
وعلى الرغم من إمكانية التعرف إلى أعراض التوحد مبكراً فإن التشخيص العيادي الفعلي للطفل يكون فى سن ثلاث سنوات؛ حيث تتضح الأعراض أكثر ويسهل تشخيصها بوضوح. ومعظم حالات التوحد يمكن أن تستجيب للتعليم، بخاصة إن لم يصحبها تلف دماغي أو أي عرض آخر يتسبب في التأخر العقلي للطفل. ويمكن أن يعيش الطفل بشكل طبيعي بين أطفال عاديين، بل إن هناك نماذج لأشخاص متوحدين أصبحوا من المشاهير والعباقرة؛ أشهرهم كيم بيك، وهو رجل علم التوحد في العصر الحالي، ومصدر إلهام لفيلم اسمه "رجل المطر"، من بطولة داستن هوفمان وتوم كروز، وهو عالم توحدي فريد من نوعه موهوب جداً، يتميز بذاكرته الفوتوغرافية؛ حيث إنه قادر على قراءة كتاب من الحجم المتوسط في نحو ساعة واحدة فقط، ويمكن أن يتذكر نحو 98٪ من محتوى ذلك الكتاب، ويمكنه أن يتذكر أسماء نحو 12000 كتاب، ولديه قدرات رياضية رائعة. هناك أيضاً العديد من مشاهير التوحد؛ مثل توماس إديسون، الذي اخترع نحو ألف اختراع أشهرها المصباح الكهربائي، والكاتب الإنجليزى شيكسبير، الذي غزت مسرحياته ومؤلفاته العالم كله، وأصبحت تدرس في كل الجامعات، وبيل جيتس أغنى رجل في العالم والأشهر في مجال البرمجيات والكمبيوتر.
شكسبير وإديسون وبيل جيتس
أشهر من أصيبوا بالأمراض النفسية الوراثية
اضطراب فرط الحركة:
يعاني العديد من الأطفال من اضطراب فرط الحركة، الذي ينضم إلى أبرز الأمراض النفسية الوراثية، والتي تظهر في السنة الأولى من الطفولة، ومن أبرز أعراضه عدم الجلوس بشكل متواصل أو طبيعي، الصراخ المستمر والتململ سريعاً.
نقص الانتباه ADHD:
يواجه بعض الأطفال نقص الانتباه منذ الصغر. وعادةً ما يرتبط بفرط النشاط، وبعض الاضطرابات الأخرى؛ حيث يواجه الطفل المصاب بنقص الانتباه مشكلات في الإدراك والفهم، حيث يقول أنه يسمعك ولكن في الوقت نفسه ليس لديه القدرة على تكرار ما حدث، إضافة إلى مواجهة بعض الاضطرابات في النوم والقلق والسلوك العنيف.
الاضطراب ثنائي القطب:
من أبرز الأمراض النفسية الوراثية هو اضطراب ثنائي القطب، الذي يعاني فيه الأشخاص من نوبات هوس واكتئاب، وعادةً ما يصعب تشخيص اضطراب ثنائي القطب منذ الصغر؛ لأنه يتعارض مع بعض الاضطرابات الأخرى مثل نقص الانتباه وفرط النشاط. ومن أعراض هذا المرض عند الأطفال: التصرفات السخيفة للغاية، الشعور بالسعادة المفرطة، التحدث بسرعة شديدة في أكثر من موضوع، مواجهة مشكلات في التركيز والذاكرة، نوبات الغضب من المزاح البسيط.
الاكتئاب الشديد:
يعد الاكتئاب من أكثر الأمراض النفسية الوراثية انتشاراً، بخاصة بعد انتشار العديد من الدراسات التي تثبت أن الأشخاص الذين لديهم آباء وأشقاء يعانون من الاكتئاب، هم أكثر عرضةً للإصابة به، بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف. كما ربط العديد من الباحثين بين الاكتئاب وكمية السيروتونين (مادة كيميائية في الدماغ تسبب الشعور بالرضا والسعادة) ويعد نقصها من أهم أسباب الشعور بالاكتئاب.
الفصام (الشيزوفرينيا):
ينتمي الفصام إلى الأمراض النفسية الوراثية التي تنتقل عبر الجينات، ولكن يصعب تحديد الفصام في مرحلة الطفولة؛ لأن أعراضه تظهر في مرحلة المراهقة. وتشمل الإصابة بالفصام بعض الاضطرابات؛ مثل الهلاوس وضعف الأداء العقلي، والأوهام، والسلوكيات غير الطبيعية، وعدم الاستجابة للتحفيز الإيجابى أو السلبي، بل قد يعاني المريض من بعض البلادة ونقص في الاستجابة الانفعالية والتواصل مع الآخرين. وقد ينتج الفصام عن عدة طفرات جينية في التاريخ المرضي للعائلة وترتفع معدلات الإصابة به وراثياً، لكن لا يلزم إصابة جميع الأبناء به. ومن أهم الأعراض المميزة له الإصابة بالأوهام؛ وهي سيطرة أفكار أو معتقدات خاطئة على عقل الشخص ورفضه التام الاعتراف بالخطأ، حتى مع وجود الأدلة على خطأ معتقداته، وتزداد احتمالات الإصابة بتلك الحالة مع التقدم في السن في غالب الأحيان. ويعاني المريض من تكرار نسيان الأشياء العادية والمحادثات السابقة ومواعيد العمل وغيرها، وتزداد إلى أن تصل إلى نسيان أفراد العائلة. ويحتاج مريض الفصام إلى الرعاية الخاصة، والسرعة في تلقي العلاج، بخاصة أنه من المحتمل أن يتعرض للانتحار من دون وعي.
إحصاءات
أكدت بعض الدراسات أن الإصابة بالمرض النفسي الوراثي تميل إلى الانتشار في عائلات بعينها؛ يكون لديها تاريخ مرضيّ سابق، حيث تنتقل عن طريق الجينات والكروموسومات. وقد تم تشخيص أكثر من 25% من البالغين من المرضى النفسيين حول العالم، والذين تبلغ أعمارهم من 18 حتى 30 عاماً، باضطراب نفسي وراثي انتقل من خلال التاريخ المرضي للعائلة. وتكثر النسبة بزواج الأقارب؛ حيث تزيد احتمالية الإصابة مع تراكم الصفة الوراثية بزواج اثنين يحملان جينات متقاربة في الصفات، مثل أبناء العم والعمة وأبناء الخال والخالة. كما أشارت العديد من الدراسات أنه يوجد أكثر من 75% من مصابي الفصام، انتقل إليهم الاضطراب بسبب خلل الجينات الوراثية؛ أى بسبب ظهور طفرات جينية نتيجة تناول أدوية خاطئة أو تعاطى المخدرات أو التعرض لحادث نتج عنه حدوث تلف بأحد أجزاء الدماغ.
أسباب الإصابة بالأمراض النفسية
ترجع الإصابة بالأمراض النفسية إلى العديد من العوامل التي يتعرض لها المريض النفسي، وتشمل هذه العوامل:
العوامل البيئية: تلعب العوامل البيئية دوراً كبيراً في الإصابة بالمرض النفسي، من خلال تعرض الطفل للقهر والضرب من أحد الأبوين، أو التضارب في التربية بين القسوة الزائدة والتدليل الزائد؛ مما يؤدي إلى ظهور المرض النفسي الكامن داخل الشخص.
زواج الأقارب يرفع نسبة
الإصابة بالأمراض النفسية
العوامل الوراثية: تعد الوراثة هي العامل الأول والأساس في الإصابة بالمرض النفسي أو ظهوره وتطوره في مراحل لاحقة من العمر؛ حيث تسهم الوراثة بنصيب كبير في زيادة فرص ظهور المرض النفسي والعقلي لدى الأبناء.
العوامل الاجتماعية: التربية الخاطئة للأبناء، والتي تعتمد على التذبذب في المعاملة بين التدليل المفرط والقسوة المفرطة، ينتج عنها طفل هش وضعيف نفسياً، يستسلم وينهار بسهولة أمام أي صعوبات تواجهه وينشأ متوتراً قلقا، عديم الثقة بالنفس. وكذلك التعرض للصدمات وفقدان أحد الأشخاص المقرّبين، أو التعرض للطلاق والانفصال عن الشريك من المحتمل أن يتسبب في إصابة الشخص بالصدمات النفسية.
سلوكيات المريض
تظهر تصرفات المريض النفسي في بعض السلوكيات التي يلاحظها المقربون منه، ومنها: إيذاء النفس ومحاولة الانتحار، الشعور بعدم القيمة في الحياة، الارتباك والنسيان وعدم التركيز، مواجهة صعوبة في التعامل أو اتخاذ القرارات، العنف والعصبية لأتفه الأمور، التقلبات المزاجية المتعددة من دون وجود داعٍ لهذا التقلب، التغيرات في الشهية مثل الشراهة في الأكل أو الانقطاع عنه، الاضطرابات في النوم وبخاصة الشعور بالأرق المستمر، فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، العيش بنظرية المؤامرة وعدم الاطمئنان للآخرين.
تشخيص
تشخيص الأمراض النفسية يتم من خلال زيارة الطبيب النفسي، الذي يجري بعض الاختبارات، ومن أهمها: معرفة التاريخ المرضي للعائلة، توجيه الأسئلة التي تمكّنه من معرفة ما يعانيه المريض، الفحص الجسدي لمعرفة أي عوامل يعاني منها.
وهناك بعض الاضطرابات النفسية التي لا يمكن أن تظهر أعراضها في الجلسة الأولى للعلاج، لذلك يخضع المريض النفسي لعدة جلسات نفسية مع طبيبه، حتى يستطيع الطبيب تشخيص الأمراض النفسية بشكل صحيح.
مؤثرات بيئية
العوامل البيئية والتعرض للصدمات والقهر في التربية، يجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالمرض النفسي، بخاصة أولئك الذين لديهم استعداد وراثي. لذلك تلعب العوامل البيئية دوراً كبيرا في إظهار المرض النفسي الذى يعود إلى جذور وراثية.
الطلاق أو الانفصال عن الشريك
قد يتسبب في الإصابة بالصدمات النفسية
العلاج
لكل حالة طرق خاصة لعلاجها، يحددها الطبيب النفسي أو الاختصاصي النفسى، أو بالتعاون فيما بينهما؛ حيث تحتاج بعض الأمراض إلى علاج نفسي وسلوكي من خلال جلسات خاصة بالإرشاد النفسى وتعديل السلوك. وتستلزم حالات أخرى ضرورة العلاج الدوائي بالعقاقير، وتحتاج بعض الأمراض إلى العلاج النفسي والدوائي في الوقت نفسه، كالآتي:
العلاج بالعقاقير:
تشمل خطة دوائية يصفها الطبيب، لموازنة السيروتونين والأدرينالين في الدماغ، ومثبطات الاكتئاب أو الذهان الذي يعاني منه المريض، والتي تهدف إلى السيطرة على الأعراض المرضية؛ من هياج وعنف أو غيرهما.
العلاج المعرفي السلوكي:
يتضمن خطة علاجية من خلال جلسات نفسية بين الطبيب والمريض؛ تستهدف كيفية التأقلم والعيش مع الاضطراب الذي يعاني منه المريض. وتقع مسؤولية ملاحظة الطفل وتتبُّع سلوكياته على الأهل والقائمين على التربية لنكتشف مبكراً أي مشكلة قد يعانيها الطفل، لأن التدخل العلاجي المبكر قد يسهم بدرجة كبيرة في الشفاء. لهذا السبب وضعت الدول المتقدمة قواعد لنشر التوعية في المنازل والمدارس والمؤسسات الرسمية؛ من أجل تجنيب الأجيال القادمة خطر الأمراض النفسية التي تُلحق الأذى البالغ ليس بالفرد أو الأسرة وحدها، وإنما بالمجتمع ككل.