وسائل الإعلام تُكسب الأطفال
المهارات اللازمة للحفاظ على البيئة
ولتحقيق مستقبل عادل ومستدام للأطفال لا بد من توفير بيئة آمنة ونظيفة وصحية تسمح لهم بتحقيق كامل إمكاناتهم وحماية حقوقهم، عبر التخطيط للمزيد من المساحات الخضراء المخصصة لهم، والحد من استخدام مبيدات الآفات والمواد الكيميائية الخطرة، وإدارة النفايات الخطرة بشكل أفضل.
ويتفق علماء الاجتماع والإعلام على أن أي تغيير لا يمكن أن يتم بمعزل عن استخدام وسائل الإعلام التي تعرّف كل الفرد مكانته وفقاً للتغير الذي سيطرأ، وهو ما يؤكد أن وسائل الإعلام أساس عملية التغيّر الاجتماعي، وذلك لما يتم من خلال هذه الوسائل من عمليات تكوين الآراء وتغيير المفاهيم وأنماط السلوك وتثبيت القيم المرغوب فيها وتدعيمها. ويزداد الدور المنوط بوسائل الإعلام أهمية في حالة مواجهة المجتمع لتغيرات سريعة ومتلاحقة.
لذا وجب الاهتمام بتوظيف وسائل الإعلام لنشر الوعي البيئي بين الأطفال، ودفعهم إلى اكتساب السلوكيات الحضارية للمحافظة على البيئة. كما يسهم الوعي البيئي في تنشئة جيل جديد يعي أهمية الحفاظ على كوكب الأرض بوصف ذلك السلوك جزءاً من شخصية هذا الجيل وأسلوب حياته، من خلال معايشة البيئة وتحسُّس مشكلاتها، وإكسابهم السلوكيات المرجوة تجاه البيئة.
المواطنة البيئية للأطفال
لكي يفهم الأطفال أهمية العيش في حياة خضراء، فإن مفتاح التغيير هو الوعي البيئي، لذا من الضروري غرس القيم البيئية السليمة في نفوس الأطفال. ويشكل الإعلام عنصراً جوهرياً في فهم قضايا البيئة وتحقيق المواطنة البيئية لدى الأطفال، من خلال تكوين قاعدة معلوماتية لديهم، والعمل على تنمية الاتجاهات والميول والأخلاقيات المسئولة نحو البيئة وقضاياها، وصولاً إلى بناء السلوكيات والمهارات الإيجابية التي تعين على تحقيق السلام مع البيئة.
ولأن وسائل الإعلام لها دور رئيس في التعليم والتنشئة الاجتماعية، فإنها تسهم فى إكساب الأطفال المهارات اللازمة للحفاظ على البيئة، فوسائل الإعلام في المرحلة الراهنة أصبحت المؤسسة التربوية والتعليمية الجديدة التي حلت محل كل من الأسرة والمؤسسات التعليمية، حيث تقوم بدور أساس في بناء المنظومة المعرفية للنشء والأجيال الجديدة.
علماء الاجتماع والإعلام: أي تغيير لا يمكن أن يتم
بمعزل عن استخدام وسائل الإعلام
تشكيل النسق القيمي البيئي للأطفال
بناء الأخلاق والقيم البيئية الهادفة يوجه سلوك الأطفال نحو الالتزام بمسئوليتهم البيئية. والثقافة باعتبارها نظم حياة ورؤى وعادات وتقاليد وقيم جماعة من الناس يمكن اكتسابها وتطبيع الأفراد الجدد عليها، فهي تخضع لعمليات التطوير والتغيير بفعل متغيرات داخلية أو ما يحيط بها من متغيرات خارجية، وهنا تلعب وسائل الإعلام دوراً في عملية تغير المكون الثقافي؛ ما فرض ضرورة أن يوظف الإعلام من أجل رفع مستوى الوعي البيئي، وتغيير العادات الضارة وبلورة نسق إيجابي للقيم، وتوجيه الأطفال نحو الحفاظ على البيئة، وتبصيرهم بالتحديات المحيطة به.
وبالتالي فإن غرس القيم الخضراء في سن مبكرة للأطفال ما بين التعليم والمعرفة وتشجيع المشاركة هو مفتاح التغيير على المدى الطويل، لتنمية قدراتهم في نبذ العادات والسلوكيات البيئية السيئة، لإيجاد من هم بمستوى القدوة في اعتماد نهج بيئي ذي رؤية خضراء، وتعد كلمة "خضراء" تمثيلاً رمزياً للأرض ولطبيعتنا ونظمنا الإيكولوجية.
كيف يصبح الحفاظ على البيئة أسلوب حياة للأطفال؟
لكي يتبني الأطفال مفهوم الحياة الخضراء، ولنشر أفكار مثل الوعي البيئي، والتخلي عن المظاهر الاجتماعية في مقابل حماية البيئة، واستثمار الطاقات المتجددة، واستخدام الوقود الحيوي، وحماية البيئة من الأخطار المحتملة، والحد من الانبعاث؛ لا بد من تشكيل النسق القيمي للأطفال، وهو عبارة عن منظومة مرتبة من القيم التي تنتظم بعضها مع بعض، على أن تكون هذه القيم مرتبة بشكل هرمي متدرج حسب الوزن النسبي لأهمية كل قيمة من هذه القيم.
وتبدو أهمية النسق القيمي بالنسبة للأطفال في تخفيف حدة الصراع بين أكثر من نمط سلوكي في المواقف الاجتماعية المختلفة التي يواجهها. ويسمح النسق القيمي بتوجيه النشاط الإنساني بطرق مختلفة، كما أنه المحرك لسلوكياتهم سعياً وراء الصورة التي يفضلون أن يكونوا عليها.
الوعي البيئي هو مفتاح التغيير إذا أردنا
أن يفهم الأطفال أهمية العيش في حياة خضراء
وتلعب وسائل الإعلام دوراً في تشكيل ثقافة وقيم الأطفال، حيث ترتكز عملية إكساب القيم على مجموعة من المرتكزات تتأثر بها وهي: المكسب (المرسل) والمكتسب (الطفل) والقيمة ذاتها (الحفاظ على البيئة) والمحيط الذي يتم الإكساب والاكتساب فيه. وهناك عدة خطوات تقوم بها وسائل الإعلام لإكساب الأطفال قيم الحفاظ على البيئة، وتتمثل في: الإثارة، وتعنى الوصول إلى بؤرة الشعور والوعي لدى الأطفال، فيتمكن من إدراك المعنى، ويمكن الوصول إليها عن طريق السؤال والتشويق وإبراز المعلومة فيما يتعلق بالبيئة المحيطة به. والتعريف، وتعني عرض القيم المرتبطة بالحفاظ على البيئة على الأطفال بجوانبها المختلفة بصورة سهلة متدرجة مبسطة مع مراعاة اختيار الوقت والمكان والظروف المناسبة وبيان آثارها فيه، مع ضرب أمثلة عملية من السابقين والمحيطين إن وُجد، والإلحاح على القيمة بأكثر من وسيلة ولفترة زمنية متصلة. ويمكن الوصول إليها عن طريق القدوة العملية، وربط أسباب أهمية الحفاظ على البيئة بالنتائج المرجوة. والتوثيق، وتعني التأصيل العقلي والعملي والتاريخي لقيمة الحفاظ على البيئة في نفوس الأطفال، فيقوى اعتقادهم ببيئتهم الخضراء، ويجتهدون في التمسك بها وعدم التخلي عنها تحت أي ضغوط، ويمكن الوصول إليها عن طريق التأصيل العقلي بالبراهين العقلية على أهمية وأثر الحفاظ على البيئة.
ثم التشبع، ويعني الفهم الصحيح لقيمة الحفاظ على البيئة من دون أي انحراف في معرفتها أو تطبيقها وتوضيح أية شبهات حولها. والتدريب، ويعني الأخذ بأيدي الأطفال ومساعدتهم على التطبيق العملي لقيمة الحفاظ على البيئة، ومساعدتهم على تجاوز أي عقبات، حتى يتم التأكد من قدرتهم على الممارسة الذاتية من دون مشكلة. ويمكن الوصول إليها عن طريق تقديم القدوة العملية، والتحفيز والترغيب والترهيب. والممارسة الذاتية، وتعني نشاط الأطفال وتمسكهم بقيمة الحفاظ على البيئة وأداءهم لها بصورة ذاتية، والاجتهاد الذاتي في الفهم والتطبيق الصحيح لها. والإجادة الثابتة، وتعني استمرار الأطفال لفترة زمنية مناسبة في التطبييق الصحيح لقيمة الحفاظ على البيئة، مع تغلبهم على العوائق واستيعابها بحيث تتأصل القيمة في نفوسهم. وأخيراً القدوة والتوريث: وتعني أن تبرز قيمة الحفاظ على البيئة في الطفل ويصبح متميزاً في فهمها وتطبيقها، ويشهد له المحيطون به ويتحرك بها في من حوله بصورة طبيعية. ويمكن عندها تحفيزه إلى توصيل قيمة الحفاظ على البيئة لمن حوله والتأثير فيهم.